التعليم المؤسسي
-كان التعليم في بلاد الرافدين يتم من خلال مؤسسة تعليمية منظمة، تسمى ببيوت الألواح، وكان طلاب العلم يجلسون على مقاعد من الأجُر، كما أن قوائم الكلمات تشير إلى وجود نظام تعليمي متدرج في الألف الرابع قبل الميلاد.
-النصوص المدرسية التي وجدت في مدينة (شورباك) والتي تعود إلى 3500 سنة قبل الميلاد، قدمت دليلا مباشرا على ان التعليم كان له مؤسسة خاصة، إذ وجد في نهايات تلك ألواحِ كتابات تمثل التمارين، وأسماء الطلبة وأسماء ابائهم ومُعلميهم.
-يذكر الخبير الدولي صموئيل نوح كريمر، في كتابه (هنا بدأ التاريخ حول الأصالة في حضارة وادي الرافدين) الى ان نشوء المدرسة باعتبارها المؤسسة التَعْليمية الرسمية في بلاد الرافدين جاء أثراً مباشراَ لاختراع الكتابة المسمارية، إذ وبحلول الألف الثالث قبل الميلاد، ظهر عدد من المدارس في بلاد سومر يرجع تاريخها الى 2500 قبل الميلاد .
نشوء المدرسة
-حسب كريمر أهداف المدرسة السومرية في بدايتها كانت موجهة بشكل اساسي الى تعليم اللغة السومرية للموظفين في مجال الإدارة والاقتصاد ممن يعملون في دواوين الدولة، ومع مرور الزمن تطورت تلك المدارس للتحول الى مراكز للعلم والثقافة، تدرس فيها مختلف فروع المعرفة كاللاهوت وعلم اللغة والنبات والجغرافية والتعدين والرياضيات وغيرها، وكانت المدارس السومرية كما يشير (كريمر) تعد مراكز للكتابات الادبية والابداعية التي احتضنت جميع الاعمال والاثار الادبية.
-وفي بلاد آشور كان التَعْليم الرسمي مقتصراً على الطبقات الاجتماعية العليا، وكانت تديره مؤسسات البلاط، بينما كان اصحاب الحرف اليدوية والتجار من المتعلمين لاسيما في بلاد بابل، بحسب ما ذكر لوكاس كرستوفر في كتابه (حضارة الرقم الطينية وسياسية التعليم في العراق القديم).
-المدارس التي كانت تحقق رغبات الآشورين المعرفية كانت مؤسسات خاصة ذات طبيعة تعليمية، اما التَعْليم العالي مع بعض الاستثناءات فقد كان حصراً من نصيب الاداريين النساخين والنبلاء، بينما بعض الامراء كان من نصيبهم ان يتلقوا تعليما متكاملاً.
-ويرى كرستوفر أن إنشاء المدارس كان سببه الازدواج اللغوي وصعوبة تعلم الكتابة المسمارية ذاتياً، فإنشات اولى المؤسسات التَعْليمية في تاريخ الحضارات والتي أطلق عليها اسم المدارس، والتي لم تقتصر على تعلم العلامات المسمارية بل شملت مختلف العلوم.
النظام المدرسي
-المدارس الاولى كانت ملحقة بأبنية المعابد، فالكهنة كانوا أول من تعلم وعلم القراءة و الكتابة، وبحسب النصوص المسمارية المدرسية المكتشفة فإن المدارس أو مؤسسات التعليم كانت على نوعين من حيث مستوى التعليم ومستوى الطلبة:
*الاول الاعتيادي الذي كان يتعلم فيه التلميذ القراءة والكتابة، وربما الحساب، وهوما يشير اليه المصطلح الأكدى باسم “بيت طٌباتِ” و “بيت الألواح”.
*النوع الثاني يضم المدارس التي تُعلم العلوم على اختلافها كالرياضيات والفلك والطب والسحر واللغة وغيرها.
-المدرسة كانت تسمى باللغة الاكدية ((بيت مٌمَّ)) وتعني (بيت الحكمة)، وهي بمثابة المدارس والمعاهد العالية، ومن ضمن الاثار التي عثر عليها النص كتب بالخط المسماري يقول: (وكان الرجال الحكماء الذين يسكنون في بيت الحكمة يحرسون الأسراد)، ونفهم منه أن الالتحاق بالمدارس يقال عنه الدخول في بيت الحكمة.
-مدة الدراسة في المدارس كما ورد في أحد النصوص المدرسية والتي تحدثت عن هذا الأمر تبدأ من الطفولة إلى الرجولة، وهذا يعني ان التلميذ كان ان يقضي معظم وقته وحياته في المدرسة.
-يشرف على تدريس الطلبة مدرسين متخصصين في مواضيع مختلفة، فهناك مشرف على الرسم، ومشرف على اللغة السومرية، ومشرف على اللغة الاكدية، وغيرها من المواد، وتخصص المدارس مراقبين يشرفون على حضور الطلبة ودوامهم وانتظامهم فيه.
-وبحسب النصوص المسمارية فإن التعليم لم يكن مقتصراً على الذكور، بل شمل بعض الاناث كذلك، حيث يسمح لهن النظام أن يصبحن كاتبات، وكان هناك آلهة خاصة للكتابة من الاناث و التي وصفت بأنها كاتبة المجتمع، أو الكاتبة الفطمة للسماء.