حضارة المايا
تُعتبر حضارة المايا واحدة من أقدم الحضارات التي نشأت في مناطق واسعة من أمريكا الوسطى، والتي تُعرف اليوم بدول السلفادور وهندوراس وغواتيمالا وبليز، بالإضافة إلى خمس ولايات جنوبية في المكسيك، وهي كينتانارو ويوكاتان وكامبيتشي وتشياباس وتاباسكو.
يعود أصل شعب المايا إلى الهنود الحمر الذين أسسوا هذه الحضارة في أمريكا الوسطى، والتي بلغت ذروتها في منتصف القرن الثالث الميلادي واستمرت في التطور لأكثر من ستة قرون.
تُعتبر حضارة المايا من أرقى الحضارات التي عاشت في الأمريكتين، حيث تميزت بإتقانها في العمارة والهندسة والكتابة.
المايا ونهاية العالم
- توقع قدماء المايا، بناءً على دراساتهم الفلكية، أن يكون الواحد والعشرون من ديسمبر عام 2012 هو موعد نهاية العالم أو حدوث كارثة عالمية. وقد تم تسجيل أنماط فلكية في حضارة الأولمك في أمريكا الوسطى عام 680 قبل الميلاد، ونُقلت هذه المعرفة إلى شعب المايا الذي كان مهتمًا بمراقبة الانقلاب الشتوي وتطوير التقويم.
- قام المايا بتطوير تقويمهم الخاص عام 355 قبل الميلاد، واستفادوا من ملاحظاتهم ومهاراتهم الحسابية في حساب الحركات المستقبلية للنجوم. وقد اكتشفوا تأثير تأرجح الأرض في دورانها حول محورها، مما يؤدي إلى انحراف حركة النجوم تدريجياً في دورة تستمر 5125 سنة. كما اكتشفوا أن الحزام المظلم في وسط درب التبانة يتقاطع مرة واحدة في كل دورة مع المدار الإهليجي.
- في السنة التي يحدث فيها هذا التقاطع، تصل الشمس إلى الانقلاب في الحادي والعشرين من ديسمبر في نصف الكرة الشمالي، وفي الحادي والعشرين من يونيو في نصف الكرة الجنوبي. يحدث هذا الانقلاب في اللحظة التي يتقابل فيها خط الاستواء مع مجرة درب التبانة، وقد تزامن ذلك وفقًا للتقويم الجريجوري في عام 2012، بينما كانت آخر مرة حدث فيها ذلك في الحادي عشر من أغسطس عام 3114 قبل الميلاد. تشير الرسوم الهيروغليفية للمايا إلى أنهم كانوا يعتقدون أن التقاطع التالي سيحدث في عام 2012، مما سيكون نهاية لدورة وبداية لدورة جديدة.
ديانة شعب المايا
- كان شعب المايا يعبد العديد من الآلهة، ويؤمنون بقدرتها على النفع والضر. كانوا يطلبون العون من الآلهة من خلال تقديم القرابين والصلاة وإقامة الاحتفالات وفق معتقداتهم. كان لكل إله دور محدد في حياتهم، حيث تشير بعض المخطوطات إلى وجود أكثر من 160 إلهًا، بما في ذلك آلهة الذرة والقمر والشمس. كان للدين أهمية كبيرة في الحياة اليومية، حيث كانت لكل يوم في السنة دلالة دينية، وتُقام الاحتفالات في أوقات معينة من العام تكريمًا للآلهة.
- كان شعب المايا يقدمون الديكة الرومية والكلاب والأيائل المذبوحة كقرابين للآلهة، بالإضافة إلى دمائهم التي كانوا ينشرونها على قطع من الورق المصنوع من لحاء الأشجار. كما قدموا بعض القرابين البشرية من خلال قتل البشر في مآتم القادة الكبار أو إلقائهم في آبار عميقة.
العلوم لدى المايا
استخدم شعب المايا نصبًا تذكارية حجرية تُعرف باسم “إستيلا” لتدوين التواريخ والأحداث المهمة في حياة الحكام. كما قاموا بتدوين المعلومات على بعض المباني والأدوات المنزلية، وابتكروا كتبًا مصنوعة من قشر شجر التين.
وقد بقيت بعض هذه الكتب من القرن الثاني عشر إلى القرن السادس عشر الميلادي، حيث احتوت على معلومات تتعلق بالاحتفالات الدينية، وجداول فلكية، ويوميات توضح الأيام المحددة لمواسم الزراعة والصيد.
يُعتبر تطور علم الرياضيات والفلك من مظاهر التقدم الثقافي في حضارة المايا. فقد اعتمدوا نظامًا عدديًا قائمًا على الرقم 20 بدلاً من الرقم 10، وقام بعض الكهنة بتعميق معرفتهم بعلم الفلك من خلال مراقبة مدارات الشمس والنجوم والقمر، حيث وضعوا جداول تتنبأ بمدار كوكب الزهرة وحالات الكسوف.
استخدم الكهنة علمي الرياضيات والفلك لتطوير نوعين من التقويم: الأول يُعرف بالتقويم المقدس ويتكون من 260 يومًا، بينما الثاني يعتمد على مدار الأرض حول الشمس ويتكون من 365 يومًا مقسمة على 18 شهرًا، حيث يتألف كل شهر من 20 يومًا، بالإضافة إلى خمسة أيام تُضاف في نهاية السنة.
اعتُبرت هذه الأيام الخمسة التي تقع في نهاية العام أيامًا تحمل الحظ السيئ، لذا كانوا يقدمون خلالها القرابين ويتجنبون القيام بأي نشاط غير ضروري.
الفنون لدى المايا
تميزت حضارة المايا بفنونها الرائعة، وهو ما يتجلى بوضوح من خلال النقوش والمنحوتات التي خلفوها. حاليًا، لا توجد سوى بعض الأدلة على وجود رسوم متطورة تعود للمايا الكلاسيكية، بينما تتركز معظم الآثار المتبقية في الفخاريات الجنائزية والسيراميك، بالإضافة إلى الأبنية في بونامباك التي تحتوي على جداريات قديمة نجت بالصدفة.
وقد حافظ اللون الفيروزي على وجوده عبر القرون بفضل خصائصه الكيميائية الفريدة، وتم مؤخرًا اكتشاف جداريات فنية في سان بارتولو وأيقونات متقنة تعود لأواخر الفترة ما قبل الكلاسيكية.
من القرن الرابع وحتى وصول الإسبان، اشتهرت حضارة المايا ببناء الأهرامات، حيث كانت المعابد ومساكن الكهنة تُشيّد على القمم.
كما قام شعب المايا بتصميم الأقواس من خلال بناء حائطين متقابلين في القمة، ثم ربطهما بواسطة صف من الحجارة المسطحة.
بالإضافة إلى ذلك، شيدوا بنايات كبيرة ومنخفضة يُعتقد أنها كانت تستخدم كمساكن خلال الاحتفالات الكبرى للكهنة والشخصيات المهمة.
اقرا ايضا: مفهوم الحريّة في الإسلام