المتحف الوطني العراقي
يعتبر المتحف الوطني العراقي أحد أبرز وأهم المتاحف في العالم العربي والعالم ككل، حيث يحتضن في داخله مجموعة نادرة وثمينة من الآثار التي تجسد تاريخ الحضارات التي نشأت على أرض العراق.
يُعرف أيضًا بمتحف بغداد، ويقع في العاصمة العراقية بغداد، ويعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1923.
يعد المتحف بمثابة نافذة على التاريخ العريق لهذه المنطقة، حيث يضم آثارًا تعود لآلاف السنين تغطي فترات حضارية متنوعة تشمل السومرية والبابلية والآشورية والإسلامية.
تأسيس المتحف وتاريخه
تم تأسيس المتحف الوطني العراقي بمبادرة من المستكشفة البريطانية جيرترود بيل، التي أدركت أهمية توثيق وحفظ التراث العراقي، وأشرفت على تجميع عدد من القطع الأثرية.
مع مرور الوقت، بدأت الحكومة العراقية في الاهتمام بتوسعة المتحف وإضافة المزيد من الآثار إليه، خاصة مع تزايد الاكتشافات الأثرية التي أسفرت عنها عمليات التنقيب في مختلف أنحاء العراق.
اليوم، يضم المتحف آلاف القطع الأثرية التي تروي قصص الحضارات القديمة التي ازدهرت في بلاد الرافدين.
محتويات المتحف وأقسامه
يتكون المتحف من عدة قاعات رئيسية، مرتبة بحيث تمثل كل قاعة مرحلة حضارية معينة. تشمل بعض الأقسام البارزة في المتحف:
- قاعة الحضارة السومرية: تعرض قطعًا تعود لحضارة سومر، أقدم حضارة في تاريخ البشرية، التي اشتهرت بإنجازاتها في الكتابة والبناء والفنون. من أبرز معروضات هذه القاعة تمثال الملك كوديا وقطع فخارية وزخرفية.
- قاعة الحضارة البابلية: تحتضن آثارًا مهمة تعود لعصر بابل، منها أجزاء من بوابة عشتار الشهيرة، وتماثيل للملك حمورابي، بالإضافة إلى لوحات ونقوش تروي تطور قوانين الحضارة البابلية.
- قاعة الحضارة الآشورية: تضم مجموعة مميزة من التماثيل والنقوش الجدارية التي تمثل الآلهة والحكام الآشوريين. وتعتبر نقوش قصر نينوى وقطع من بوابة نمرود من بين أشهر المعروضات.
- قاعة الحضارة الإسلامية: تحتوي على آثار إسلامية مميزة تشمل المخطوطات القرآنية والنقوش والأواني الفخارية التي تمثل الفن الإسلامي.
أهمية المتحف الوطني العراقي
يمثل المتحف الوطني العراقي رمزًا للتراث الإنساني ككل، حيث يحتوي على آثار تعود إلى أولى الحضارات البشرية.
يعتبر المتحف مرجعًا عالميًا للدراسات الأثرية، كما أنه يشكل وجهة تعليمية وتثقيفية للزوار، سواء من العراق أو من مختلف دول العالم.
كما يسهم المتحف في الحفاظ على التراث العراقي من الضياع ويعزز الهوية الوطنية من خلال عرض القطع الأثرية النادرة.
تحديات المتحف وسرقة الآثار
تعرض المتحف الوطني العراقي للعديد من التحديات والصعوبات، خاصة بعد أحداث الحرب العراقية عام 2003.
في تلك الفترة، تعرضت العديد من القطع الأثرية للنهب والسرقة، مما شكل تهديدًا كبيرًا للتراث العراقي.
قامت السلطات العراقية فيما بعد بالتعاون مع جهات دولية لاستعادة العديد من القطع المسروقة، ولا تزال الجهود مستمرة لحماية هذه الكنوز الأثرية من التهريب.
استعادة وإعادة افتتاح المتحف
شهد المتحف الوطني العراقي إعادة افتتاحه في عام 2015، بعد سنوات من الترميم وإعادة التأهيل، حيث تم عرض آلاف القطع الأثرية التي تم استرجاعها من الخارج.
وقد أثار هذا الافتتاح اهتمامًا عالميًا ولاقى تغطية إعلامية واسعة، ما يعكس أهمية هذا المتحف كونه شاهدًا حيًا على تاريخ الحضارة الإنسانية.
دور المتحف في المجتمع العراقي
يعد المتحف الوطني العراقي من أهم المؤسسات الثقافية في العراق، حيث يلعب دورًا في تثقيف الأجيال الجديدة حول تاريخ بلادهم العريق.
يقوم المتحف بتنظيم فعاليات ومعارض تعليمية تستهدف الطلاب والزوار لتوعية المجتمع بأهمية التراث وتاريخ العراق الغني.
كما أن المتحف يعمل على تعزيز الروابط الثقافية بين العراق والعالم من خلال التعاون مع مؤسسات دولية تهتم بالتراث الثقافي.
المتحف كمقصد سياحي وثقافي
إلى جانب دوره التعليمي، يعتبر المتحف الوطني العراقي وجهة سياحية جذابة تجذب المهتمين بالآثار والحضارات القديمة من مختلف أنحاء العالم.
يوفر المتحف للزوار فرصة فريدة للتعرف على إنجازات الحضارات الأولى التي شكلت العالم كما نعرفه اليوم، ويعطيهم فهمًا أعمق للثقافة العراقية.
في الختام
يظل المتحف الوطني العراقي صرحًا ثقافيًا وأثريًا هامًا يعكس عظمة الحضارات التي نشأت على أرض العراق.
بفضل الجهود المستمرة للحفاظ على محتوياته وحمايتها من السرقة والتدمير، يبقى المتحف شاهدًا حيًا على التاريخ العريق للعراق ومصدر فخر للعراقيين، ويمثل أحد أهم رموز التراث العالمي التي تربط بين الحاضر والماضي.