سورة الفلق
سورة الفلق هي إحدى السور القصيرة في القرآن الكريم، وتقع في الجزء الثلاثين منه. تتألف السورة من خمس آيات، وتعتبر من سور المعوذات التي جاءت في القرآن لحماية المؤمن من الشرور والآفات.
نزلت سورة الفلق على النبي محمد صلى الله عليه وسلم لتحصينه من الشرور التي قد تواجهه، وهي تعلم المسلمين طلب الحماية واللجوء إلى الله من كل ما يمكن أن يضرهم.
في هذا المقال، سنقدم تفسيرًا مفصلًا لآيات سورة الفلق، ونوضح المعاني الكامنة فيها، وأهمية السورة في حياة المسلم، وفضلها كما ورد في الأحاديث النبوية.
نص السورة
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)
وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)
وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
تفسير الآيات
الآية الأولى: “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ”
تبدأ السورة بكلمة “قل”، وهي أمر من الله للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول هذه الكلمات، وهذا يدل على أهمية التوجيه الإلهي في التحصين من الشرور.
“أعوذ” تعني الالتجاء والاستعاذة، حيث يطلب المسلم من الله الحماية والعون. أما “رب الفلق”، فيُقصد به الله سبحانه وتعالى الذي خلق الفلق، والفلق هو الصبح أو انشقاق الظلمة عن النور.
ومعنى الاستعاذة برب الفلق هو اللجوء إلى خالق الصبح ونور الصباح، الذي يزيل ظلام الليل ويمحو الشرور.
الآية الثانية: “مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ”
في هذه الآية، يطلب المسلم الحماية من “شر ما خلق”، ويقصد بذلك جميع المخلوقات التي قد يكون فيها ضرر أو أذى للإنسان، سواء كانت من البشر أو الجن أو الحيوانات أو غيرها من المخلوقات.
هذا الاستعاذة شاملة لكل شيء يمكن أن يتسبب في ضرر أو يؤذي الإنسان، وتؤكد على أن الله هو القادر على حماية عباده من جميع المخاطر.
الآية الثالثة: “وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ”
“الغاسق” يُقصد به الليل إذا حلّ بظلامه. وقد ورد في تفسير هذه الآية أن الليل حين يأتي وتشتد ظلمته قد يكون وقتًا تكثر فيه المخاطر والأخطار، مثل انتشار الحشرات الضارة أو الحيوانات المفترسة، كما تكثر فيه أفعال السوء من بعض الناس. لذلك، يُستحب أن يستعيذ المسلم بالله من شر الليل وما قد يحدث فيه من أمور غير مرغوب فيها.
الآية الرابعة: “وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ”
النَّفَّاثَات هنّ السواحر اللاتي ينفثن في العقد لتسخير الشر وإلحاق الأذى بالناس عن طريق السحر. في هذه الآية، يستعيذ المسلم بالله من شر الساحرات ومن أي شخص يقوم بأعمال السحر والشعوذة.
السحر يُعتبر من الكبائر التي حرمها الإسلام، وقد أمرنا الله بالاستعاذة من شر السحر وأهله، لأنهم يسعون للإضرار بالناس عن طريق الطرق المحرمة.
الآية الخامسة: “وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ”
في هذه الآية، يُختتم السورة بالاستعاذة من شر “حاسد إذا حسد”، ويقصد به الإنسان الذي يحسد الآخرين ويتمنى زوال النعمة عنهم.
الحسد من الأمراض القلبية التي تؤدي إلى الكثير من الشرور، وتدفع بعض الناس إلى إيذاء الآخرين نتيجة لرغبتهم في زوال النعمة عنهم.
والحسد يُعتبر من الآفات النفسية التي يجب على المسلم أن يحاربها في نفسه، كما يجب عليه أن يستعيذ بالله من شرور الحاسدين.
فضل سورة الفلق
ورد في فضل سورة الفلق وسورة الناس، وهما المعوذتان، أحاديث نبوية تبرز أهميتهما في التحصين من الشرور. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اقرؤوا المعوذتين، فإنهما كافية لكم” (رواه الترمذي).
كما كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورتي الفلق والناس عند النوم، ويمسح بهما جسده، وذلك طلبًا للحماية من كل سوء.
وقد كانت هاتان السورتان من الأدعية اليومية التي حرص النبي على تكرارها لأجل التحصين من الشرور.
أهمية سورة الفلق في حياة المسلم
تُعلّم سورة الفلق المسلم أن يلجأ إلى الله ويعتمد عليه في جميع أموره، خاصةً عند الشعور بالخوف من أي شر.
كما تدعو السورة المسلم إلى تحصين نفسه بشكل دائم من الأمور الغيبية التي قد تضر به، كالحسد والسحر وأذى الليل.
فهذه السورة تعتبر دعوة لليقين بالله، والثقة بأن الله وحده هو القادر على حفظ الإنسان من كل مكروه.
في الختام
سورة الفلق من السور التي تمنح المسلم طمأنينة وأمانًا، وتعلّمه أن يلجأ إلى الله في جميع الظروف، وألا يخاف من أي أذى قد يصيبه مادام يتوكل على الله ويحتمي به.
تعدد أنواع الشرور في السورة يذكر المسلم بأن الحياة قد تواجهه بتحديات وأخطار، ولكن الالتجاء إلى الله هو السبيل الأمثل للنجاة.
اقرا ايضا: ما هي صلاة الشروق؟