حركة طالبان
حركة طالبان هي إحدى أكثر الجماعات المسلحة تأثيرًا وإثارة للجدل في العالم الإسلامي، خاصة في أفغانستان.
تأسست الحركة في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وسرعان ما تمكنت من السيطرة على أجزاء كبيرة من أفغانستان بعد انهيار الحكومة الشيوعية المدعومة من الاتحاد السوفيتي.
منذ ذلك الحين، أصبحت طالبان رمزًا للعديد من القضايا، من الصراع السياسي إلى القضايا الاجتماعية، حيث أثرت بشكل مباشر على السياسة العالمية وعلى مستقبل أفغانستان.
أصول حركة طالبان
تعود جذور حركة طالبان إلى عام 1994، عندما ظهرت في ولاية قندهار جنوب أفغانستان على يد مجموعة من طلبة المدارس الدينية، ومعظمهم كانوا من اللاجئين الأفغان الذين فروا من الغزو السوفيتي لأفغانستان في الثمانينيات.
كلمة “طالبان” في اللغة البشتونية تعني “الطلاب”، وكانت الحركة تسعى في بدايتها إلى تحقيق العدالة وإنهاء الفوضى التي عمّت البلاد بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي وسقوط الحكومة الشيوعية.
كان الملا محمد عمر، مؤسس الحركة، يتمتع بشخصية قوية وكاريزمية، وقاد طالبان نحو الهدف المعلن وهو إقامة نظام إسلامي صارم يستند إلى تفسير شديد للشريعة الإسلامية.
قدمت الحركة نفسها كبديل للفصائل المتناحرة في الحرب الأهلية الأفغانية، مما أكسبها دعمًا شعبيًا واسعًا في مناطق جنوب وشرق البلاد.
أيديولوجية طالبان
أيديولوجية طالبان متأثرة بشكل كبير بالسلفية الديوبندية، وهي مدرسة فكرية إسلامية محافظة نشأت في شبه القارة الهندية.
تعتقد طالبان بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل صارم وحرفي، وتهدف إلى إقامة دولة إسلامية خالية من التأثيرات الغربية.
منذ تولي طالبان السلطة في أفغانستان عام 1996، قامت الحركة بتطبيق قوانين صارمة شملت حظر تعليم النساء، وإجبار الرجال على إطلاق اللحى، وحظر الموسيقى والفنون.
هذه السياسات الصارمة، التي نفذتها الشرطة الدينية لطالبان، قوبلت بإدانات دولية، خاصة من قبل منظمات حقوق الإنسان.
السيطرة على أفغانستان (1996-2001)
في عام 1996، نجحت طالبان في السيطرة على العاصمة كابول وإعلان أفغانستان إمارة إسلامية تحت حكم الملا عمر.
شهدت هذه الفترة تطبيقًا صارمًا للشريعة، وقدمت طالبان ملاذًا لتنظيم القاعدة، وهو ما أدى في النهاية إلى تورطها في هجمات 11 سبتمبر 2001.
تحت حكم طالبان، عانت البلاد من عزلة دولية شديدة، حيث لم تعترف سوى ثلاث دول بحكومة طالبان (باكستان، السعودية، والإمارات).
وفي الوقت نفسه، أصبحت أفغانستان ملاذًا آمنًا للجماعات الإرهابية، مما تسبب في تزايد الضغط الدولي لإنهاء حكم طالبان.
سقوط طالبان بعد هجمات 11 سبتمبر
في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، طالبت الولايات المتحدة طالبان بتسليم أسامة بن لادن وقادة تنظيم القاعدة المتورطين في التخطيط للهجمات.
بعد رفض طالبان التعاون، شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها غزوًا عسكريًا على أفغانستان في أكتوبر 2001.
تم إسقاط حكومة طالبان بسرعة، وفرّ مقاتلوها إلى الجبال والمناطق الحدودية مع باكستان، حيث أعادوا تنظيم صفوفهم وبدؤوا تمردًا طويل الأمد.
التمرد والعودة إلى السلطة
على الرغم من سقوطها في 2001، لم تختفِ طالبان تمامًا. بل عادت إلى الساحة بسرعة عبر تمرد طويل الأمد استمر لعقدين من الزمن.
في هذه الفترة، تمكنت طالبان من استغلال الفساد في الحكومة الأفغانية المدعومة دوليًا وضعف الاستقرار الأمني.
نفذت الحركة هجمات متكررة ضد قوات التحالف الدولي والحكومة الأفغانية، مما أدى إلى تدهور الوضع الأمني في البلاد.
في 2020، وقعت طالبان اتفاق سلام مع الولايات المتحدة في الدوحة، والذي نص على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان.
مع انسحاب هذه القوات في 2021، تمكنت طالبان من استعادة السيطرة على أفغانستان بشكل مفاجئ وسريع، حيث دخلت العاصمة كابول في أغسطس 2021 وأعلنت مجددًا عن إقامة إمارة إسلامية.
أثر عودة طالبان إلى السلطة
عودة طالبان إلى الحكم عام 2021 أثارت مخاوف كبيرة على المستوى الدولي والمحلي. فقد عانى الشعب الأفغاني من عقود من الحرب وعدم الاستقرار، وأدت سياسات طالبان المتشددة إلى تفاقم الوضع الإنساني في البلاد.
على الصعيد المحلي، عاد القلق حول حقوق النساء والفتيات، خاصة في مجالات التعليم والعمل. فقد فرضت طالبان قيودًا جديدة على تعليم النساء، مما دفع بالكثير من الأسر إلى منع بناتهم من الذهاب إلى المدارس.
على المستوى الدولي، تُعقد العلاقات بين طالبان والدول الأخرى بسبب سجلها السابق في دعم الجماعات الإرهابية.
وعلى الرغم من محاولات طالبان تقديم نفسها كحركة أكثر انفتاحًا مقارنةً بفترة حكمها الأولى، إلا أن المجتمع الدولي لا يزال ينظر إليها بحذر.
كما أن الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي تفاقمت بسبب سيطرة طالبان تجعل من الصعب تحقيق الاستقرار على المدى القريب.
اقرا ايضا: الحرب الأمريكية على أفغانستان