📌 نظام “العُسّ” هو أحد أوائل الأنظمة الأمنية في التاريخ الإسلامي، وقد ظهر في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لتأمين المجتمع ليلًا من السرقات والمخالفات وحماية الضعفاء.
يُعدّ هذا النظام نواة جهاز الشرطة الإسلامية بمفهومها الإداري والتنظيمي.
🧭 دواعي المشروع
– البيئة الاجتماعية والسياسية في عهد عمر كانت تشهد توسّعًا عمرانيًا ونموًا سكانيًا كبيرًا بعد الفتوحات الإسلامية.
– لاحظ عمر حاجة الناس إلى نظام يحفظ الأمن ليلًا، خصوصًا في المدن الكبرى مثل المدينة المنورة ومكة والكوفة.
– لم تكن هناك أجهزة أمنية منظمة في الليل، فكانت السرقة والاعتداءات تحدث بعد غياب الناس في بيوتهم.
– تُجمع الروايات التاريخية على أن عمر بن الخطاب نفسه هو من استحدث هذا النظام، حيث: كان يخرج ليلًا يتفقد أحوال الناس بنفسه.
– لذلك رأى أهمية وجود أشخاص يتولون التفتيش الليلي باستمرار، فأسس نظام العُسّ، نسبةً إلى “العسّ” أي الدوران والمراقبة ليلًا.
🧱 أسس نظام العُسّ
– الدوريات الليلية: تسيير أشخاص يجوبون الشوارع ليلاً لتفقد الوضع الأمني.
– الضبط والنهي عن المنكر: التدخل فورًا لمنع شرب الخمر أو الاعتداءات أو الخروج لغير ضرورة.
– التحقيق الموقعي: توقيف المشتبه بهم واستجوابهم ميدانيًا أو تسليمهم لولاة الأمر صباحًا.
– الهوية والانضباط: كان العُسّ يرتدون لباسًا مميزًا أو يحملون شعارات رمزية، ويتم اختيارهم من ذوي الأمانة.
– التقارير الليلية: تُرفع تقارير إلى الخليفة أو الوالي بما جرى أثناء الليل.
من تولّى مسؤولية تنفيذ النظام؟
– كان عمر بن الخطاب بنفسه هو القائم على النظام في بداية التأسيس، يجوب المدينة مع خادمه “أسلم” أو “عبد الرحمن بن عوف”.
– كلّف الولاة والقضاة المحليين بتعيين “عُسّاس” في المدن الكبرى لاحقا.
– تولى المهام لاحقا جهاز يُعرف بـ صاحب الشرطة أو صاحب العسس، وهم مسؤولون عن الأمن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليلًا.
📈 تطور النظام
بعد استشهاد عمر سنة 23 هـ، وفي عهد عثمان بن عفان:
– استمر العمل بنظام العُسّ، لكنه أصبح رسميًا أكثر وأُضيف له عناصر من الأحساب والأنساب لضمان نزاهة العسس.
في عهد الدولة الأموية:
– تطور النظام وأُنشئت شرطة منظمة، وأصبح هناك قائد يُدعى صاحب الشرطة العامة.
– استُخدمت الجِمال والأحصنة في الدوريات الليلية، وامتد النظام إلى ولايات الشام والعراق.
في العصر العباسي:
– تم تطوير العسس إلى جهازين: شرطة نهارية وشرطة ليلية.
– ظهرت وظائف مثل صاحب الحرس وصاحب الزنادقة لملاحقة المخالفات الفكرية أيضًا.
– وُضعت سجلات لأسماء من يعملون في العسس، وظهرت المراكز الأمنية الدائمة.
📚 مصادر التقرير:
ابن سعد، الطبقات الكبرى، جزء عمر بن الخطاب.
الطبري، تاريخ الأمم والملوك.
د. علي محمد الصلابي، عمر بن الخطاب: شخصيته وعصره.
د. راغب السرجاني، قصة دولة عمر.
أحمد شلبي، موسوعة التاريخ الإسلامي، دار النهضة.