سبب نزول سورة الناس والفلق
نزول سورتي الفلق والناس من القصص القرآنية العميقة التي تحمل في طياتها حكماً ومواعظ عظيمة للمسلمين.
إذ تعد سورتي “الفلق” و”الناس” جزءاً من المعوذتين، وهما آخر سورتين في القرآن الكريم. وقد نزلتا لهدف مهم وتوجيه كريم من الله سبحانه وتعالى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وإلى المسلمين جميعاً، لاستخدامهما في التحصين والاستعاذة بالله من كل شر ومكروه.
في هذا المقال، سنستعرض سبب نزول سورتي الفلق والناس، وأهميتهما، ومكانتهما في الشريعة الإسلامية.
سبب نزول سورتي الفلق والناس
يُذكر في كتب التفسير والحديث أن سبب نزول سورتي الفلق والناس يعود إلى حادثة تعرض النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأذى السحر من أحد المشركين اليهود.
وقد وردت روايات عدة في هذا الشأن، وأشهرها ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أصيب بالسحر على يد لبيد بن الأعصم، وهو من يهود المدينة.
وقد أثر هذا السحر على النبي، حيث جعله يشعر ببعض الأعراض الجسدية والنفسية، دون أن يمس رسالته أو عقيدته، لأن الله حفظه من أي تأثير على رسالته.
تروي الرواية أن النبي شعر ببعض التعب والهم، ثم أُوحي إليه في رؤيا، ودلّه الوحي على مكان السحر المخبأ، فذهب عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إلى البئر وأخرج العقد التي عُقدت من أجل هذا السحر.
وعندها، نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم بسورتي الفلق والناس، وأمره بقراءتهما للتحصين من شر السحر والأذى الذي قد يلحق بالإنسان.
ومن هنا، أصبحت هاتان السورتان معروفتين بالمعوذتين، لأنهما يبدآن بطلب الاستعاذة بالله من الشرور والمكائد.
مضمون سورة الفلق
سورة الفلق هي سورة قصيرة تتألف من خمس آيات، وتبدأ بقوله تعالى: “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ”، حيث يأمر الله نبيه بأن يستعيذ برب “الفلق”، والفلق في اللغة هو الصبح أو الشق، إشارة إلى قدرة الله على خلق النور وإخراج الحياة من الظلام.
السورة تتناول الاستعاذة من شرور متعددة تشمل الشر العام والشر الخاص، مثل شر الحسد، وشر الظلام عندما يحلّ، وشر النفاثات في العقد، وهو إشارة إلى السحر والشعوذة.
هذه السورة تحمل دعوة إلى الله للتخلص من كل ما قد يضر بالإنسان ويحطم سلامه الداخلي، وتعطي الإنسان الأمل بأن الله وحده قادر على أن يحميه من كل أذى.
مضمون سورة الناس
أما سورة الناس، فهي السورة التي تلي الفلق مباشرة وتتألف من ست آيات تبدأ بقوله تعالى: “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ”. هذه السورة تدعو الإنسان للاستعاذة بالله بصفته رب الناس، ملك الناس، إله الناس، مما يبين أن الله هو المتحكم والمسيطر على كل شؤون البشر.
وتستكمل السورة بالتركيز على الشر الذي يأتي من “الوسواس الخنّاس”، وهو الشيطان الذي يوسوس في قلوب الناس.
ومن خلال هذه الاستعاذة، يُظهر الله للإنسان أن الشيطان يحاول أن يبعده عن طريق الحق، لكنه إذا استعان بالله، فإن الله سينصره ويمنحه القوة للتغلب على كل وسوسة وشك.
أهمية المعوذتين في الإسلام
أصبحت المعوذتان جزءاً من السنة النبوية اليومية في قراءة الأذكار الصباحية والمسائية، حيث كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يواظب على قراءتهما للتحصين من الشرور، وكان يحث الصحابة على ذلك.
وقد ورد عن النبي أنه كان يقرأ هاتين السورتين ثلاث مرات بعد كل صلاة، وفي أذكار الصباح والمساء، كما كان يقرأهما قبل النوم وينفث في كفيه ويمسح بهما جسمه، طلباً للحماية من الله.
ترتبط هاتان السورتان بقيم الثقة والاعتماد على الله، حيث تبينان للإنسان أنه مهما تعددت أشكال الشرور والمخاطر، فإن الله وحده هو الحامي والمعين.
تذكّر سورتي الفلق والناس المسلم بأن الالتجاء إلى الله ضرورة مستمرة، حيث أن الإنسان معرض دائماً للوساوس والشرور، سواء كانت حسية كالسحر أو معنوية كالوسوسة والشهوات.
دروس مستفادة من نزول سورتي الفلق والناس
- التوكل على الله في كل الأوقات: الإنسان يحتاج إلى الله في كل لحظة من حياته، والاستعاذة بالله تحصنه من الشرور.
- أهمية التحصين الروحي: حيث يعتبر التحصين الروحي ضرورياً لمواجهة أذى الحسد والسحر والوساوس الشيطانية.
- تعزيز الثقة في حماية الله: فالمؤمن عندما يلجأ إلى الله ويستعيذ به، يشعر بالراحة النفسية، ويبتعد عن الخوف والقلق.
- التزام السنة النبوية: بالاقتداء بالنبي في قراءة المعوذتين، يحقق المسلم الحماية والأجر، وينال الطمأنينة التي كان النبي يسعى إليها.
- دور الاستعاذة في محاربة الشيطان: سورة الناس تعلم المؤمنين كيف أن الله وحده يمكنه أن يحميهم من وساوس الشيطان وأعدائه.
في الختام
سورتي الفلق والناس تحملان رسالة عظيمة للمؤمنين، مفادها أن الله هو الملجأ من كل سوء، وأن الاستعاذة به قادرة على حماية المؤمن من الشرور المختلفة.
نزول هاتين السورتين في حادثة سحر النبي صلى الله عليه وسلم يذكرنا بأن الله أقرب للمؤمنين، وأنهم عندما يلجؤون إليه بالاستعاذة والدعاء، يمنحهم الله قوة لمواجهة أية أذى.
اقرا ايضا: شروط عقد الزواج في الإسلام