. التعريف
تنظيم الأسرة في الإسلام يعني التخطيط الواعي والمدروس للإنجاب، بحيث يراعي الزوجان قدراتهما الصحية، والاقتصادية، والتربوية، ويحددان عدد الأطفال والفترات الزمنية بين الولادات بما يحقق مصلحة الأسرة والمجتمع، دون أن يؤدي ذلك إلى إجهاض محرم أو تعطيل دائم للنسل.
ولا يُقصد به تحديد النسل نهائيًا، بل تنظيمه بما يحقق التوازن بين الطاقات والإمكانات.
. أسباب اهتمام الإسلام بالأسرة
اهتم الإسلام بالأسرة اهتمامًا بالغًا لأنها اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، ومن خلالها تُزرع القيم والأخلاق وتُنشأ الأجيال الصالحة.
– حفظ النسل: وهو من الضروريات الخمس التي جاء الإسلام لحفظها.
– تحقيق الاستقرار الاجتماعي: فالأسرة المتزنة تساهم في مجتمع متماسك.
– القيام بالمسؤوليات التربوية: التربية تحتاج وقتًا وجهدًا، وتنظيم الأسرة يساعد في توفيره.
– العدل بين الأولاد: سواء في التربية أو في الإنفاق أو في العاطفة.
. دواعي تنظيم الأسرة
تنظيم الأسرة في الإسلام ليس مجرد خيار بل قد يصبح ضرورة في بعض الحالات، ومن دواعيه:
– الظروف الصحية للأم: كالضعف أو الأمراض التي قد تهدد حياتها.
– الضيق المالي: بحيث لا يتمكن الزوجان من الإنفاق على الأولاد بشكل لائق.
– التباعد بين الولادات: ليأخذ كل طفل حقه في الرعاية والرضاعة.
– الظروف التربوية أو البيئية: مثل الحرب أو الفقر أو الهجرة.
الإسلام لم يأت بنصوص صريحة في المنع أو التحريم المطلق لتنظيم الأسرة، لكنه أقر الوسائل التي لا تتعارض مع أحكامه. ومن الأدلة:
– القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286] يدل على التيسير وعدم تحميل الإنسان ما لا يطيق، وهذا يشمل القدرة على تربية الأولاد.
– السنة النبوية: ورد أن الصحابة كانوا يعزلون (وسيلة لتأخير الحمل)، ولم يُنههم النبي ﷺ عن ذلك، بل أقره، كما في حديث جابر: “كنا نعزل على عهد رسول الله ﷺ والقرآن ينزل، فلو كان شيئًا يُنهى عنه لنهانا عنه القرآن” (رواه البخاري).
. الوسائل التي أقرها الإسلام لتنظيم الأسرة
أقر الإسلام الوسائل المباحة التي لا تتعارض مع مبادئه، بشرط ألا تكون وسيلة دائمة أو تسبب ضررًا، ومن هذه الوسائل:
– العزل (القذف خارج الرحم): وسيلة قديمة أقرها النبي ﷺ كما في الحديث.
– استخدام الوسائل الطبية الحديثة: مثل حبوب منع الحمل أو اللولب بشرط ألا تؤدي إلى العقم الدائم.
– تأجيل الحمل لأسباب معتبرة: كالصحة أو القدرة المالية أو الحاجة لرعاية الأبناء الموجودين.
– المشاورة بين الزوجين: حيث لا يجوز اتخاذ القرار من طرف واحد دون علم الآخر.