الصلاة في الديانة اليهودية
الصلاة (بالعبرية: תפילה – تفيله) تعد من الركائز الأساسية في الحياة الدينية اليهودية، وهي وسيلة للتواصل مع الله، وعبارة عن تعبير روحي عن التقدير والشكر والتوبة وطلب المساعدة.
تُعد الصلاة إحدى العبادات التي تتمحور حولها الحياة اليهودية، وتتميز بأشكال وقوانين متنوعة، تعكس الطبيعة المركبة للدين اليهودي.
مفهوم الصلاة في اليهودية
الصلاة في الديانة اليهودية ليست مجرد فعل ديني تقليدي، بل تُعتبر وسيلة للاتصال المباشر بين الإنسان وخالقه.
ترتكز الصلاة على الاعتراف بسيادة الله وتقدير نعمه والتضرع إليه. وهي تُعتبر أيضًا وسيلة لتقوية الروابط الروحية بين الفرد وجماعته وبين الإنسان والكون.
ترى اليهودية أن الصلاة ليست مجرد طلبات تُقدَّم لله، بل هي وسيلة لتغيير الشخص الذي يصلي نفسه.
من خلال الصلاة، يعيد الإنسان النظر في أفعاله ويتواصل مع ذاته الروحية، مما يساهم في تطهير النفس وتعزيز الإيمان.
أنواع الصلوات في اليهودية
1. الصلوات اليومية
هناك ثلاث صلوات يومية إلزامية في الديانة اليهودية:
- صلاة الشحريت (Shacharit): وهي صلاة الصباح.
- صلاة المنحة (Mincha): وهي صلاة بعد الظهر.
- صلاة العَرْبيت (Arvit): وهي صلاة المساء.
هذه الصلوات تعتمد على تقليد الأوقات التي كانت تُقدم فيها القرابين في الهيكل القديم في القدس.
تمثل كل صلاة منها جانبًا مختلفًا من علاقة الإنسان بالله وتتناول قضايا روحية وشكرًا وطلبًا للمغفرة.
2. الصلوات الأسبوعية
تكتسب صلاة السبت أهمية خاصة في اليهودية. يوم السبت (شابات) هو يوم مقدس يتميز بطقوس وقراءات إضافية، مثل قراءة أجزاء من التوراة، وإضافة صلاة موساف (Musaf) التي تُعتبر صلاة خاصة بأيام السبت والأعياد.
3. الصلوات الموسمية والخاصة
تشمل هذه الصلوات المناسبات الدينية المختلفة مثل رأس السنة اليهودية (روش هشناه)، يوم الغفران (يوم كيبور)، وعيد الفصح (بيساح).
في هذه الأوقات، تتم إضافة صلوات وقراءات خاصة تُعبر عن معاني المناسبة وتتناسب مع أجوائها.
مكونات الصلاة
تتميز الصلاة اليهودية بنصوص محددة مكتوبة باللغة العبرية. أكثر النصوص شيوعًا هي:
- الشماع (Shema): وهي إعلان إيمان بوحدانية الله.
- صلاة العميدة (Amidah): المعروفة أيضًا بصلاة “الثماني عشرة بركة”، وهي من أكثر الصلوات قداسة وتؤدى وقوفًا.
- الكاديش (Kaddish): وهي صلاة تُقال لتمجيد الله وغالبًا ما تُستخدم خلال الجنازات.
تحتوي الصلوات على عنصر التكرار والتراتيل، مما يساعد في ترسيخ معانيها لدى المصلين وإحياء شعور التواضع والخشوع.
الأماكن والطقوس
تُؤدى الصلاة اليهودية في أماكن مختلفة، ويُعتبر الكنيس (Synagogue) المكان الرئيسي للصلاة الجماعية.
الكنيس هو مركز الحياة الدينية والاجتماعية في المجتمع اليهودي، حيث يجتمع الأفراد للصلاة وقراءة التوراة.
في بعض الحالات، يمكن أداء الصلاة في المنزل أو في أي مكان مناسب. تتطلب الصلاة الجماعية تواجد عشرة رجال بالغين على الأقل، وهو ما يُعرف باسم المينيان (Minyan)، حيث يُعتبر وجود هذا النصاب شرطًا لصحة العديد من الصلوات.
طقوس الصلاة
- ارتداء الأغطية الدينية: مثل التاليت (Tallit)، وهو شال الصلاة، والتيفيلين (Tefillin)، وهي علب جلدية تحتوي على نصوص توراتية تُربط على الرأس واليد.
- اتجاه الصلاة: تُؤدى الصلاة باتجاه القدس.
- اللغة: معظم الصلوات تُؤدى باللغة العبرية، لكنها قد تُترجم إلى لغات أخرى لفهم النصوص من قبل المصلين.
دور المرأة في الصلاة
يختلف دور المرأة في الصلاة بين الطوائف اليهودية. في اليهودية الأرثوذكسية التقليدية، لا يُطلب من النساء أداء الصلوات اليومية مع المينيان، وتكون مشاركتهن في الصلوات الجماعية محدودة.
أما في الطوائف الإصلاحية والمحافظة، فقد تغيرت هذه القوانين إلى حد كبير، حيث يُسمح للنساء بالصلاة مع الرجال وأداء جميع الأدوار الدينية.
الصلاة كوسيلة للتأمل والتواصل الروحي
تُبرز اليهودية أهمية النية أو الخشوع (بالعبرية: כוונה – كافانه) أثناء الصلاة. لا تقتصر الصلاة على تلاوة النصوص فقط، بل يجب أن تكون مدفوعة بشعور داخلي ورغبة حقيقية في التواصل مع الله. تُمكّن الصلاة الإنسان من التفكير في أفعاله ومراجعة مساره الروحي.
أهمية الصلاة في الحياة اليهودية
تلعب الصلاة دورًا جوهريًا في تعزيز وحدة المجتمع اليهودي، حيث تُعبر عن هوية دينية مشتركة وتعزز الشعور بالانتماء.
كما تُساعد الفرد على مواجهة تحديات الحياة من خلال طلب الدعم الروحي من الله والشعور بالراحة النفسية.
في الختام
تمثل الصلاة في اليهودية أكثر من مجرد شعيرة دينية؛ فهي تجربة روحية وشخصية واجتماعية تُعبر عن العلاقة الفريدة بين الإنسان والله.
تظل الصلاة جزءًا أساسيًا من الهوية الدينية والثقافية لليهود، تعكس القيم الروحية والدينية العميقة التي تشكل أساس هذا الدين.
اقرا ايضا: عدد الأنبياء المذكورين في القران الكريم