نبذة عن جرير بن عطية
أبو حرزة جرير بن عطية اليربوعي التميميّ، شاعر عربي شهير من بني كليب بن يربوع وأصله من قبيلة تغلب، التي تسكن نجد.
يُعتبر من أبرز شعراء الهجاء في تاريخ الأدب العربيّ، كما تميز بمديحه البليغ. عاش حياته متبارزًا بالشعر مع الآخرين، ولم يصمد أمام هجائه سوى الفرزدق والأخطل.
كان الشاعر جرير بن عطية عفيفًا في غزله، حيث لم يتعمق في وصف مفاتن المرأة، وكان لسانه سليطًا في الهجاء، ورائعًا في المديح.
يمكن الاطلاع على سيرته الذاتية وإنجازاته وأقواله وكل المعلومات المتعلقة به.
مولد وبدايات جرير بن عطية
ولد جرير بن عطية في بادية نجد عام 650 م، خلال خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-. نشأ في أسرة أدبية عريقة في جو أدبي مميز.
وضعت أمه جرير بعد سبعة أشهر من حملها، ورأت رؤيا مزعجة دفعتها لزيارة العراف.
قال لها العراف: ـ قصصتُ رؤياي علي ذاك الرّجل فقال لي قولاً، وليت لم يقل ـ لـتَلِدنّ عـضلة مـن الــعضل ذا منـطق جزلٍ إذا قال فصل
نشأ جرير في بادية نجد، وكان والده فقيرًا، لكن جده لأمه، الملقب بالخطفى حذيفة بن بدر، كان غنيًا بامتلاك أعداد كبيرة من الجمال والغنم.
تعلم الشعر مبكرًا على لسان جده، ونشأ في العصر الأموي الذي شهد تعدد الأحزاب، ولكل حزب شعراؤه المدافعون عنه.
كان على جرير الدفاع عن شرف قبيلته، فكرس حياته لمصارعة الشعراء وهجائهم.
يُقال إنه هجا وهزم ثمانين شاعرًا في عصره، ولم يصمد أمامه سوى الأخطل والفرزدق.
بدأت حياته الشعرية بمساجلة الشعراء المحليّين، ثم خاض حربًا شعرية مع الفرزدق استمرت قرابة أربعين عامًا، مما أكسبهما شهرة واسعة وملأت أسماؤهما كتب النقد في زمانهم، وارتبطت أسماؤهما ببعض بشكل كبير.
إنجازات جرير بن عطية
يمكن القول إن جرير استطاع أن يجمع في قصائده جميع أغراض الشعر العربي المعروفة في عصره، فقد أبدع في الهجاء، والمديح، والغزل.
كان هجَّاءً سليط اللسان، وبليغًا في المديح، وعفيفًا في الغزل، ولم يقع في مستنقع الألفاظ الوعرة كما فعل الفرزدق.
كان شعره غزيرًا، حسن الصياغة، متين السبك، وكان يتمتع بقدرة فائقة على قيادة المعاني والسيطرة على الكلمات.
ترك جرير بن عطية نتاجًا أدبيًا غزيرًا، سجَّل به اسمه بالخط العريض بين جميع الشعراء العرب. من أبرز قصائده:
سرت الهموم فبتن غير نيام
ألا حي بالبردين دارا ولا أرى
لمن طلل هاج الفؤاد المتيما
طاف الخيال وأين منك لماما
ألا حي المنازل والخياما
إذا شاع السلام بدار قوم
وهبت عطاردا لبني صدي
فجعنا بحمال الديات ابن غالب
يعافي الله بعد بلاء سوء
أتبيت ليلك يا ابن أتأة نائما
لا تدعواني اليوم إلا باسمي
إن بلالا لم تشنه أمه
ما هاج شوقك من عهود رسوم
ألم يك لا أبا لك شتم تيم
أواصل أنت سلمى بعد معتبة
تغطي نمير بالعمائم لؤمها
حيوا الديار وأهلها بسلام
يُعتبر الصراع الشعري بين جرير والفرزدق من أشهر المعارك الشعرية في ذلك العصر، ومن أبرز ما جاء في هذه النقائض:
قال الفرزدق:
إنَّ الذي سَمَكَ السَّماءَ بنى لنَا
بيتًـا دعائــمهُ أعزُّ وأطولُ
بيتًا زُرارة محتبٍ بفنائِـهِ
ومجاشعٌ وأبو الفوارسِ نهشلُ
لا يحتبي بفناءِ بيتِكَ مِثْلَهــمْ
أبدًا إذا عدَّ الفعـــالَ الأفضَـــلُ
فرد عليه جرير قائلًا:
أخزى الذي سَمَكَ السماء مجاشعًا
وبنى بناءَكَ في الحضيضِ الأسفلِ
بيتًا يُحمحمُ قينَكم بفنائه
دنسًا مقاعده خبيثُ المدخَلِ
قُتلَ الزّبيرُ وأنتَ عاقدُ حبوةٍ
تبًا لحبوتِكَ التي لم تحلَلِ
وافاكَ غدرُكَ بالزبير على منىً
ومجرُّ جعثنِكم بذاتِ الحرملِ
بات الفرزدقُ يستجيرُ لنفسِه
وعجانُ جعثنَ كالطريقِ المُعمِلِ
ثم أجابه الفرزدق:
حُـلُلُ المُلوكِ لباسُنا في أهلِنا والسابغات إلى الوغى نتسربلُ
ورد عليه جرير:
لا تذكروا حلـلَ الملوكِ فإنَّكم
بعد الزبيرِ كحائضٍ لم تغـْسِـلِ
استمرت هذه النقائض لأجيال وأجيال وقاربت الأربعين عامًا، حيث كسبت شهرة من ذلك الوقت وحتى اليوم، وارتبط اسما جرير والفرزدق ببعضهما.
اقرا ايضا: ماهو علم الحيوان؟