– يشهد عالمنا أزمات بيئية واقتصادية متفاقمة، لذلك باتت السياحة المستدامة ضرورة أخلاقية وبيئية واقتصادية، وليس رفاهية أو ترفًا فكريًا، تُعيد تعريف دور السائح، وتحوله من مستهلك إلى شريك في التنمية، لذلك فإن كل خطوة نخطوها نحو سياحة أكثر وعيًا، تأخذنا نحو كوكب أكثر توازنًا.
– لم تعد السياحة مجرد وسيلة للترفيه، بل أصبحت مسؤولية مشتركة بين الأفراد والدول، لذلك فإن السياحة المستدامة أصبحت ضرورة لضمان بقاء التنوع البيئي والثقافي في وجه الزحف الصناعي والتجاري العابر للحدود.
– يمكن ان نعتبرها ثورة فكرية في عالم السفر، تتجاوز الاستمتاع اللحظي لتكرّس السفر كأداة للتنمية والحماية والوعي.
في هذا المقال نسلط الضوء على هذا النوع المستحدث من السياحة، ونتعرف على أهميته ومتطلباته..
تعريف السياحة المستدامة
– منظمة السياحة العالمية (UNWTO) تُعرَّف السياحة المستدامة بأنها: “سياحة تأخذ في اعتبارها التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الحالية والمستقبلية، وتُلبي احتياجات الزوار، والصناعة، والمجتمعات المستضيفة والبيئة”.
– بمعنى أوضح: هي سياحة لا تدمّر ما تأتي لرؤيته، بل تحميه، وتدعم من يعيشون فيه.
السياحة والبيئة: علاقة معقدة
تشير بيانات صادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) إلى أن القطاع السياحي مسؤول عن حوالي 8% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة عالميًا، بما يشمل النقل الجوي والبري، واستهلاك الطاقة في الفنادق، والنفايات الناتجة عن السياح.
في المقابل، توفّر السياحة المستدامة نموذجًا بيئيًا بديلًا، يُقلّل هذه الآثار من خلال:
الاعتماد على النقل الصديق للبيئة.
تشجيع استخدام الطاقة المتجددة في الفنادق.
تقليل استهلاك البلاستيك والنفايات.
احترام النظم البيئية في المناطق الحساسة مثل الشعاب المرجانية والغابات.
المتطلبات الأساسية لتحقيق السياحة المستدامة
بنية تحتية صديقة للبيئة: شبكات نقل نظيفة، معالجة مياه، تدوير نفايات.
توعية الزوار: من خلال دلائل تعليمية ومراكز معلومات بيئية.
تشريعات حكومية: دعم المشروعات الخضراء، وفرض ضرائب على الأنشطة الملوثة.
مشاركة المجتمع المحلي: دعم الحرف اليدوية، والمأكولات التقليدية، والسكن المحلي.
مدن ونماذج ناجحة في تطبيق السياحة المستدامة
كوستاريكا: أحد أبرز الأمثلة العالمية، حيث تعتمد بنسبة 98% على الطاقة المتجددة، وتمنح الزوار تجارب بيئية في الغابات المطيرة.
كوبنهاغن، الدنمارك: وجهة رائدة في الدراجات الهوائية، وتستخدم الطاقة النظيفة في أكثر من 60% من الفنادق.
جزيرة جيجو، كوريا الجنوبية: وجهة بيئية ذات طابع ثقافي، تستخدم أنظمة ذكية للتحكم في تدفق الزوار.
وادي الظباء في المغرب: وجهة سياحية صاعدة تعتمد على دعم التعاونيات المحلية وتعليم الزوار الزراعة العضوية.
قصص نجاح عالمية
الطاقة المتجددة في الصين
مطار بكين داشينغ يقلل 2000 طن من الانبعاثات سنويًا بفضل مضخات الحرارة الأرضية .
منتجع Universal Beijing يعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية والرياح.
تستخدم المناشئ السياحية الشاطئية ممارسات مثل جمع مياه الأمطار وتدوير نفايات الطعام .
فالنسيا (إسبانيا): حملات توعية تشجع على النقل الصديق للبيئة واستخدام الموارد بكفاءة .
كوستاريكا، سلوفينيا، غوتنبرغ (السويد): فرص نموذجية لبناء بنية تحتية بيئية مدعومة من حكومات .
كينيا، محمية ماساي: أصحاب الأرض (المسافين) يحافظون على الطبيعة ويسهمون في السياحة بتوازن .
شركات مثل Gondwana Ecotours: تعتمد على جولات صديقة للبيئة، تأخذ في الاعتبار التعويض الكربوني، وتوظيف السكان المحليين .
السياحة المستدامة في أرقام
وفق تقرير UNWTO 2024، فإن 33% من المسافرين حول العالم قالوا إنهم يفضلون الإقامة في فنادق تتبنى ممارسات بيئية.
سجلت الدول التي تروّج للسياحة المستدامة ارتفاعًا في العوائد بنسبة 17% مقارنة بالدول التي لا تعتمد سياسات بيئية واضحة.
المدن الحاصلة على شهادة “Green Destinations” شهدت نموًا سياحيًا بنسبة 22% خلال عام واحد فقط.
أُدرج أكثر من 1300 فندق عالمي ضمن دليل السياحة المستدامة المعتمد من منظمة “GSTC” (المجلس العالمي للسياحة المستدامة).