الحرب الأمريكية على أفغانستان
في 7 أكتوبر 2001، بدأت الولايات المتحدة حربها على أفغانستان، فيما عرف لاحقًا باسم “عملية الحرية الدائمة”.
جاءت هذه الحرب كرد فعل على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، حيث استهدفت الولايات المتحدة تنظيم القاعدة وحلفائه من حركة طالبان الذين كانوا يوفرون ملاذًا آمنًا لزعيم القاعدة، أسامة بن لادن.
تُعتبر الحرب الأمريكية على أفغانستان واحدة من أطول الحروب في التاريخ الأمريكي الحديث، وأثرت بشكل كبير على الأوضاع الجيوسياسية والعسكرية في المنطقة.
خلفية الحرب وأسبابها
1. هجمات 11 سبتمبر: هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت الشرارة التي أطلقت الحرب. قام تنظيم القاعدة بتنسيق هجمات انتحارية باستخدام طائرات مدنية مستهدفة برجَي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن.
قُتل حوالي 3000 شخص في هذه الهجمات، مما دفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عسكرية سريعة.
2. تورط القاعدة في الهجمات: بعد التحقيقات، تأكدت الولايات المتحدة من أن تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن هو الذي كان وراء الهجمات. وكانت القاعدة تتخذ من أفغانستان مقرًا لها تحت حماية حركة طالبان التي كانت تحكم البلاد منذ منتصف التسعينيات.
3. رفض طالبان تسليم بن لادن: طالبت الولايات المتحدة حركة طالبان بتسليم بن لادن والقضاء على معسكرات تدريب الإرهابيين، لكن طالبان رفضت الامتثال لهذه المطالب.
هذا الرفض زاد من التوتر بين الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية، مما أدى في النهاية إلى اتخاذ قرار بالحرب.
أهداف الحرب
كان للولايات المتحدة عدة أهداف عند بدء الحرب على أفغانستان، بعضها كان واضحًا ومباشرًا، بينما كانت الأخرى أقل وضوحًا:
1. تفكيك تنظيم القاعدة: كان الهدف الرئيسي للحرب هو القضاء على تنظيم القاعدة ومعسكراته في أفغانستان لمنع تنفيذ مزيد من الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
2. الإطاحة بنظام طالبان: كان الهدف الآخر هو الإطاحة بنظام طالبان، الذي كان يوفر الدعم والملاذ الآمن للإرهابيين. اعتبرت الولايات المتحدة أن طالبان جزء لا يتجزأ من المشكلة الأمنية في أفغانستان.
3. تعزيز الاستقرار والديمقراطية: على المدى الطويل، أرادت الولايات المتحدة وحلفاؤها بناء دولة مستقرة وديمقراطية في أفغانستان تمنع عودة الإرهاب إلى البلاد.
سير العمليات العسكرية
1. المرحلة الأولى: بدأت العمليات العسكرية بضربات جوية مكثفة استهدفت معسكرات تدريب القاعدة والبنية التحتية العسكرية لحركة طالبان.
وبالتعاون مع تحالف الشمال، وهو مجموعة من القوات المعارضة لطالبان، تمكنت القوات الأمريكية وحلفاؤها من الإطاحة بحكومة طالبان في غضون أسابيع قليلة.
2. استمرار القتال: رغم سقوط طالبان سريعًا، إلا أن الحرب لم تنتهِ. تحولت طالبان إلى حرب عصابات، واعتمدت على الهجمات المتقطعة والمباغتة ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف.
كما أن تنظيم القاعدة استمر في تنظيم هجمات صغيرة ضد الأهداف الأمريكية والدولية.
3. التدخلات الدولية: تدخلت العديد من الدول في الحرب تحت مظلة الناتو، حيث تم إرسال قوات متعددة الجنسيات لدعم جهود إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن.
ومع ذلك، واجهت هذه القوات تحديات كبيرة من حيث السيطرة على المناطق الريفية ومواجهة الهجمات المستمرة من قبل طالبان والمجموعات المسلحة الأخرى.
النتائج والآثار
1. سقوط طالبان: تمكنت الولايات المتحدة من تحقيق هدفها الأولي بإسقاط حكومة طالبان وتفكيك معسكرات تدريب القاعدة. لكن هذا الإنجاز كان مؤقتًا، حيث استمرت حركة طالبان في العمل كتمرد مسلح.
2. إنشاء حكومة جديدة: تم إنشاء حكومة أفغانية جديدة بدعم من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
تم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لكن هذه الحكومة واجهت تحديات كبيرة من حيث الفساد، وضعف البنية التحتية، وعدم القدرة على فرض سيطرتها على جميع أنحاء البلاد.
3. استمرار عدم الاستقرار: على الرغم من النجاحات العسكرية الأولية، لم تتمكن القوات الأمريكية وحلفاؤها من تحقيق الاستقرار الكامل في أفغانستان.
استمر الصراع لعقدين تقريبًا، حيث تراجعت طالبان وأعادت تجميع صفوفها في المناطق الريفية، مستفيدة من الدعم المالي واللوجستي من مصادر متعددة.
4. الخسائر البشرية: خلفت الحرب خسائر بشرية كبيرة، سواء في صفوف المدنيين الأفغان أو في صفوف القوات الأمريكية وقوات التحالف.
تشير التقديرات إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الأفغان خلال الصراع، بالإضافة إلى مقتل آلاف الجنود الأمريكيين.
5. الانسحاب الأمريكي: في عام 2021، قررت الولايات المتحدة الانسحاب الكامل من أفغانستان بعد اتفاق تم توقيعه مع حركة طالبان في الدوحة.
تم هذا الانسحاب في ظل ظروف مضطربة، حيث تمكنت طالبان بسرعة من استعادة السيطرة على العاصمة كابول في أغسطس من نفس العام.
في الختام
الحرب الأمريكية على أفغانستان كانت واحدة من أطول الصراعات في التاريخ الحديث، ووضعت الولايات المتحدة في مواجهة مع واحدة من أكثر البيئات الجغرافية والسياسية تعقيدًا في العالم.
ورغم النجاحات الأولية في الإطاحة بحركة طالبان وتفكيك معسكرات القاعدة، إلا أن الحرب لم تحقق جميع أهدافها على المدى الطويل.
الانسحاب الأمريكي عام 2021 أعاد البلاد إلى وضع مشابه لما كانت عليه قبل 2001، حيث عادت طالبان إلى السلطة، مما يثير تساؤلات حول فعالية الحرب ونتائجها على المدى البعيد.
اقرا ايضا: معركة بلاط الشهداء.. فصل حاسم في تاريخ أوروبا والإسلام