اضرار السهر
السهر لفترات طويلة وقلّة النوم من العادات التي أصبحت شائعة في المجتمعات الحديثة، خاصةً بين الشباب، بسبب أنماط الحياة المتسارعة وضغوط العمل والدراسة.
وعلى الرغم من أن السهر قد يبدو أحياناً ضرورة أو عادة مقبولة، إلا أن له تأثيرات سلبية كبيرة على الصحة البدنية والنفسية للإنسان.
في هذا المقال، سنتناول بعض الأضرار التي يمكن أن تلحق بالجسم نتيجة السهر المستمر وقلة النوم.
1. ضعف الجهاز المناعي
يلعب النوم دوراً مهماً في دعم الجهاز المناعي، حيث تزداد قوة هذا الجهاز وقدرته على مكافحة العدوى خلال النوم.
يساهم النوم الجيد في إنتاج البروتينات التي تُعرف بالسيتوكينات، وهي تساعد في مقاومة العدوى والالتهابات.
ومن هنا، فإن السهر أو قلة النوم قد تؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي وزيادة القابلية للإصابة بالأمراض المختلفة مثل نزلات البرد والإنفلونزا.
ووفقاً لبعض الدراسات، فإن الأفراد الذين يعانون من قلة النوم هم أكثر عرضة للعدوى بشكل عام.
2. التأثير السلبي على صحة القلب
السهر المتكرر يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في صحة القلب والأوعية الدموية. ذلك لأن النوم يلعب دوراً مهماً في تنظيم ضغط الدم والحفاظ على استقراره.
عندما يقلّ النوم، فإن الجسم قد يعاني من ارتفاع مستمر في ضغط الدم، مما يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وقد أكدت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب التاجية، والسكتة الدماغية.
3. زيادة الوزن والسمنة
تؤثر قلة النوم سلباً على عملية التمثيل الغذائي في الجسم، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة.
فعند السهر، يزداد إفراز هرمون الجريلين، وهو هرمون يفتح الشهية، بينما يقلّ إفراز هرمون اللبتين المسؤول عن الشعور بالشبع.
هذا الخلل في الهرمونات يؤدي إلى زيادة الرغبة في تناول الأطعمة غير الصحية مثل الوجبات السريعة والأطعمة الغنية بالسكر، والتي غالباً ما يتم تناولها في ساعات السهر المتأخرة. مع الوقت، قد يؤدي هذا إلى تراكم الدهون في الجسم وزيادة الوزن.
4. التأثير السلبي على الصحة العقلية والنفسية
النوم الجيد يساعد في تحسين الصحة العقلية والنفسية، في حين أن السهر وقلة النوم يمكن أن يؤديان إلى تفاقم حالات التوتر والقلق والاكتئاب.
وقد وجدت الدراسات أن قلة النوم تزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى.
النوم ضروري لإعادة توازن المواد الكيميائية في الدماغ، وعندما يقلّ النوم، يختل هذا التوازن، مما ينعكس سلباً على الحالة النفسية للإنسان ويزيد من القلق والتوتر.
5. تأثيرات على وظائف الدماغ والتركيز
يؤدي السهر إلى ضعف وظائف الدماغ مما يؤثر سلباً على التركيز والذاكرة. النوم يعزز من قدرة الدماغ على معالجة المعلومات وتخزينها، ولذلك فإن قلة النوم تؤدي إلى ضعف الذاكرة وقدرة التركيز، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي أو الدراسي.
ومن الملاحظ أن الأفراد الذين يعانون من قلة النوم يجدون صعوبة في أداء المهام التي تتطلب تركيزاً كبيراً وتفكيراً معقداً، بالإضافة إلى بطء في ردود الأفعال.
6. التأثير على صحة البشرة
السهر المتكرر يؤدي إلى تدهور صحة البشرة وظهور علامات التعب والإرهاق، مثل الهالات السوداء تحت العينين وبهتان البشرة.
أثناء النوم، يعمل الجسم على تجديد خلايا البشرة وإصلاح الأضرار التي تتعرض لها خلال اليوم.
لذلك، فإن قلة النوم تعيق هذه العملية وتؤدي إلى ظهور التجاعيد المبكرة والبقع الداكنة، مما يجعل البشرة تبدو أقل حيوية ونضارة.
7. اضطرابات في الجهاز الهضمي
قد يتسبب السهر أيضاً في حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل متلازمة القولون العصبي، حيث أن النوم الجيد يلعب دوراً في تنظيم حركة الأمعاء.
وتؤدي قلة النوم إلى زيادة مستويات الكورتيزول، وهو هرمون التوتر، الذي يمكن أن يؤثر سلباً على عملية الهضم ويسبب تهيج القولون.
كما قد يؤدي السهر إلى تغيرات في عادات الأكل التي تضر بالجهاز الهضمي، مثل تناول وجبات غير صحية في أوقات متأخرة من الليل.
8. ضعف الأداء البدني
بالإضافة إلى التأثيرات العقلية، يؤثر السهر أيضاً على الأداء البدني والقدرة على ممارسة الرياضة.
فالنوم يساعد في تحسين مستوى الطاقة، ويزيد من القدرة على التحمل، بينما تقلّ هذه القدرات مع قلة النوم.
الأشخاص الذين يسهرون باستمرار قد يعانون من ضعف الأداء الرياضي، كما يشعرون بالإرهاق بسرعة عند ممارسة الأنشطة البدنية.
وتساعد فترات النوم على إصلاح العضلات وتخزين الطاقة، ولذلك فإن قلة النوم تعيق هذه العمليات وتؤثر على اللياقة البدنية.
9. زيادة خطر الإصابة بالسكري
من الأضرار الجسيمة الأخرى لقلة النوم هو تأثيرها على تنظيم مستوى السكر في الدم.
قد يؤدي السهر إلى زيادة مقاومة الأنسولين، مما يرفع من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
الأشخاص الذين يسهرون بانتظام معرضون أكثر لعدم استجابة الجسم بشكل صحيح للأنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن ضبط مستويات السكر في الدم، مما يزيد من مخاطر الإصابة باضطرابات سكر الدم.
في الختام
يعدّ النوم الجيد ضرورةً لا غنى عنها للحفاظ على صحة الجسم والعقل. وعلى الرغم من أن البعض قد يجدون في السهر فرصة لمزيد من الوقت، إلا أن الأضرار الصحية التي تصاحب قلة النوم يمكن أن تكون خطيرة على المدى الطويل.
لضمان صحة أفضل وجودة حياة عالية، من المهم الالتزام بروتين نوم صحي وتجنب السهر المستمر، خاصةً في ظل الأدلة العلمية المتزايدة التي تؤكد أهمية النوم كركيزة أساسية للصحة العامة.