فضل إنظار المُعسر في الإسلام
المُعسر هو الشخص الذي لا يقوى على تحمُّل النفَقة ولا يستطيع سداد ديونه، وقد حثّ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- على الصبر على المُعسر وإمهاله، لما في ذلك من فضل وأجر عظيم عند الله تعالى.
ورد في صحيح مسلم عن عبد الله بن أبي قتادة أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: “مَن سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عن مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عنْه”.
هذا الحديث يشير إلى أن من يفرّج عن المُعسر أو يخفف عنه دينه سيُنجيه الله من كرب يوم القيامة.
فضل إنظار المعسر
فضل إنظار المُعسر عظيم عند الله تعالى، حيث أنه يساهم في التيسير على العباد وتفريج شدائدهم.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ”، رواه مسلم.
ويشير هذا الحديث إلى أن من يمدّ المُعسر بالوقت أو يعفيه من ديونه، سيظلّه الله بظله يوم لا ظل إلا ظله.
الأحاديث النبوية المتعلقة بإنظار المُعسر
من الأحاديث التي وردت في هذا الصدد ما رواه أبو قتادة قال: “سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ غَرِيمِهِ أَوْ مَحَا عَنْهُ كَانَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)”، رواه مسلم.
هذا الحديث يؤكد على أن من يخفف عن المدين أو يعفيه، سيجد له مكانًا تحت ظل العرش يوم القيامة.
كما دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسجد وهو يقول: “أيُّكم يسرُّه أنْ يقيَه اللهُ عزَّ وجلَّ من فيحِ جهنمَ” قلنا: يا رسولَ اللهِ كلُّنا يسرُّه قال: “من أنظر معسرًا أو وضع له وقاه اللهُ عزَّ وجلَّ من فيحِ جهنمَ”، رواه أحمد بإسناد جيد.
أهمية السَّمَاحة في المعاملات المالية
عن جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى”، رواه البخاري.
في هذا الحديث، يحث النبي على السَّمَاحة في المعاملات المالية، سواء عند البيع أو الشراء أو حتى عند استرداد الديون، مما يُظهر أهمية التسامح والرحمة في العلاقات المالية.
إنظار المُعسر كصدقة
إنظار المعسر بالمال المطالب به يُعد كالصدقة به عليه وأكثر، فعن بريدة رضي الله عنه قال: “سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَة)”، رواه أحمد وصححه الألباني في الصحيحة.
فضل التجاوز عن المُعسر
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: “كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فَلَقِي اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ”، رواه البخاري ومسلم.
كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لاَ، قَالُوا: تَذَكَّرْ، قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَجَوَّزُوا عَنْهُ”، رواه البخاري ومسلم.
في الختام
إن إنظار المعسر من الأعمال الجليلة التي حث عليها الإسلام، لما فيها من رحمة وتيسير على الناس.
هذه الأحاديث تُبرز أهمية التسامح والتعاون في المعاملات المالية، وتشجع المسلمين على مساعدة بعضهم البعض في الأوقات الصعبة، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويزيد من التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع.
اقرا ايضا: فضل الدعوة إلى الله