معركة العصف المأكول 2014
في الساعات الأولى من يوم 8 يوليو/تموز 2014، شنت القوات الصهيونية هجومًا عسكريًا على قطاع غزة، مستهدفةً منزل المواطن الفلسطيني محمد العبادلة في بلدة القرارة بجنوب القطاع. أطلق الاحتلال على هذا الهجوم اسم “الجرف الصامد”.
ردت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بإطلاق اسم “العصف المأكول” على تصديها لهذا الهجوم.
في الوقت نفسه، أطلقت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، على عملياتها اسم “البنيان المرصوص”.
أهداف وأسباب معركة العصف المأكول 2014
اندلع العدوان الهصويني في الظاهر كرد فعل على التصعيد المتبادل مع المقاومة الفلسطينية في غزة، وذلك عقب تصاعد التوترات في الضفة الغربية بعد حادثة اختطاف وتعذيب وحرق الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير في القدس المحتلة يوم 2 يوليو/تموز 2014.
ولكن، يتضح أن اعتقال قوات الاحتلال لعشرات من محرري صفقة “شاليط” وأعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني من حركة حماس كان يشير إلى هدف أوسع للعدوان.
فقد سعت دولة الاحتلال إلى تدمير قدرات الفصائل الفلسطينية المقاومة، وتخريب البنية التحتية في قطاع غزة، وإلحاق الأضرار بمنازل وممتلكات المدنيين، في محاولة لتحريض السكان ضد تلك الفصائل.
جاء هذا العدوان في سياق تصاعد الاحتجاجات في القدس والمناطق المحتلة وأراضي عام 1948، بعد حادثة دعس مواطن صهيوني لعاملين فلسطينيين قرب حيفا داخل الخط الأخضر.
ارتكاب المجازر
في اليوم الأول من الحرب، استدعى جيش الاحتلال أربعين ألفا من قوات الاحتياط، وارتكب مجزرة في مدينة خان يونس بالقطاع، حيث قُتل 11 شهيداً وجُرح 28 فلسطينياً.
تلا ذلك ارتكاب المزيد من المجازر، وتكثيف القصف الجوي على المباني والمساجد والبنية التحتية في غزة.
الرد الفلسطيني
على مدى أيام العدوان الصهيوني، أبدت الفصائل الفلسطينية مقاومة شديدة، حيث شنت هجمات على المستوطنات الصهيونية المتاخمة لقطاع غزة، ثم وسعت نطاق هجماتها لتشمل العديد من المدن والقرى والمستوطنات داخل الخط الأخضر.
من بين هذه المدن كانت القدس وتل أبيب ومطار بن غوريون واللد والرملة وهرتزليا وريشون ليتسيون وأسدود وحيفا، ووصلت الهجمات إلى مناطق البحر الميت وحتى بئر السبع.
أظهرت الفصائل الفلسطينية قدرات قتالية متطورة وتحسينات كبيرة في آليات المقاومة، مما أثار دهشة الاحتلال الإسرائيلي الذي لجأ إلى نظام “القبة الحديدية” لاعتراض صواريخ المقاومة. وأعلن الاحتلال عن تدمير عدد من هذه الصواريخ.
الخسائر في غزة
شهد قطاع غزة خلال العدوان صيف 2014 خسائر فادحة على الصعيدين البشري والمادي. ووفقًا لتقرير أصدره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بالتعاون مع وكالة الصحافة الفلسطينية، فقد خلفت الحرب 1742 شهيدا فلسطينيًا، كان 81% منهم من المدنيين، بما في ذلك 530 طفلًا و302 امرأة و64 جثة مجهولة الهوية بسبب الحروق والتشويه. كما استشهد 340 من المقاومين الفلسطينيين وأُصيب 8710 من سكان القطاع بجروح.
استهدف العدوان الصهيوني العاملين في الوكالات الإنسانية والصحفية، حيث قُتل 11 موظفًا من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، و23 من أفراد الطواقم الطبية، و16 صحفيًا.
كما دمر القصف الصهيوني 62 مسجدًا بشكل كامل و109 مساجد بشكل جزئي، إضافة إلى تدمير كنيسة واحدة جزئيًا، وعشرة مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة. وتشرد حوالي مائة ألف فلسطيني بعد أن فقدوا منازلهم البالغ عددها 13217 منزلًا، مما جعلهم بلا مأوى.
خسائر دولة الاحتلال
أما بالنسبة للخسائر الصهيونية، فقد قُتل 64 جنديًا وستة مدنيين ومن بين الجنود القتلى هناك من يحمل جنسيات أخرى مثل الأمريكية والبلجيكية والفرنسية. وبلغ عدد الجرحى 720 شخصًا.
كما تكبدت دولة الاحتلال في فلسطين خسائر اقتصادية كبيرة تقدر بنحو 560 مليون دولار في قطاع السياحة، و370 مليون دولار في قطاعات أخرى.
غزة تنتصر: المقاومة تتحدى العدوان الصهيوني
رغم الخسائر الفادحة في الأرواح والدمار الهائل الذي أصاب غزة، إلا أن المقاومة الفلسطينية نجحت في تحقيق انتصار معنوي على الاحتلال الصهيوني.
فقد حالت دون تحقيق أهدافه، ما دفعه للتعجل في وقف القتال والسعي نحو اتفاق، بعدما بدأت الصحف ومراكز البحوث الإسرائيلية تكشف عن خسائر الاحتلال وتعطيل صواريخ المقاومة لحركة مطار بن غوريون.
مبادرة وقف القتال
تم وقف العدوان بناءً على المبادرة المصرية، التي تضمنت شروطاً وضعتها القاهرة على حركة حماس، والتي أصرت بدورها على فتح معبر رفح ورفع الحصار عن غزة.
تضمنت الشروط تولي أمن السلطة الفلسطينية في رام الله مسؤولية إدارة معبر رفح، وأن لا يكون المعبر مفتوحاً بشكل دائم.
توقف العدوان في 12 أكتوبر 2014 بعد مفاوضات مع المقاومة، وإدانة العديد من الدول والمنظمات الإنسانية والحقوقية للعدوان الصهيوني على القطاع.
في المقابل، أبدت بعض الدول، مثل ألمانيا، دعمها لدولة الاحتلال بذريعة “الدفاع عن النفس” وانتقدت الرد الصاروخي الفلسطيني.
مؤتمر إعادة الإعمار
بعد وقف العدوان، انعقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبمشاركة خمسين منظمة وحكومة.
تعهدت الدول المشاركة بتقديم 5.4 مليار دولار للفلسطينيين، نصفها لإعادة إعمار القطاع الذي تعرض لدمار واسع.
تقرير أممي
خلص تقرير لجنة تقصي الحقائق حول العدوان العسكري الصهيونية على قطاع غزة في صيف 2014، والمعروف بتقرير ديفيس، الذي نُشر في نهاية يونيو 2015، إلى أن العدوان الصهيوني على غزة “يرقى إلى جرائم حرب”.
حيث أشار التقرير إلى أن 142 عائلة على الأقل فقدت ثلاثة أفراد أو أكثر في الهجوم على المباني السكنية أثناء الحرب، بعدما شنت دولة الاحتلال أكثر من ستة آلاف غارة جوية وأطلقت نحو خمسين ألف قذيفة مدفعية على مدى 51 يوماً.
اقرا ايضا: معركة حجارة السجيل 2012