قصة ذو القرنين
ذو القرنين هو شخصيةٌ ذُكرت في القرآن الكريم، وتُعدّ واحدة من القصص العظيمة التي تعكس حكمة الله وقدرته في تدبير شؤون خلقه.
ورغم أن التفاصيل الدقيقة لهوية ذو القرنين غير محددة، إلا أن القصة تحتوي على دروسٍ عظيمة عن العدل، والقوة، والإيمان.
بداية قصة ذو القرنين
ذو القرنين كان ملكًا عظيمًا أو قائدًا قويًا، وقد أعطاه الله من كل شيء سببًا، أي وسائل وقدرات لتحقيق أهدافه.
سُمِّيَ بذو القرنين لأنه بلغ مشارق الأرض ومغاربها، أو لأنه كان يرتدي خوذةً لها قرنان. قال الله تعالى في سورة الكهف:
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}
(الكهف: 83-84)
رحلات ذو القرنين
الرحلة الأولى: بدأ ذو القرنين رحلته نحو الغرب حتى بلغ مغرب الشمس، حيث وجدها تغرب في عينٍ حمئة، أي في مكانٍ مليء بالطين الأسود. هناك التقى بقومٍ ظالمين. الله منحه الخيار بين معاقبتهم أو إظهار الرحمة عليهم. اختار ذو القرنين أن يعاقب الظالمين ويرحم الذين آمنوا وعملوا الصالحات. قال الله تعالى:
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا}
(الكهف: 86-88)
الرحلة الثانية: توجه ذو القرنين نحو المشرق، حتى بلغ مطلع الشمس. وجد هناك قومًا يعيشون دون ستر يحميهم من الشمس، ما يدل على بساطة حياتهم وقلة وسائلهم. قال الله تعالى:
{ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا}
(الكهف: 89-90)
الرحلة الثالثة: رحل ذو القرنين إلى مكانٍ بين السدين (سلسلتين جبليتين)، حيث وجد قومًا يستنجدون به من يأجوج ومأجوج، وهما قبيلتان معروفتان بالفساد والتدمير. طلبوا منه أن يبني سدًا يمنع يأجوج ومأجوج من الاعتداء عليهم. قال الله تعالى:
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا}
(الكهف: 93-94)
بناء السد
وافق ذو القرنين على طلبهم بشرط أن يساعدوه بالقوة البشرية والعمل، فبدأ ببناء السد مستخدمًا الحديد والنحاس المذاب. بهذا السد القوي، حجز يأجوج ومأجوج ومنعهم من إيذاء القوم. وأكد ذو القرنين أن هذا السد هو رحمةٌ من الله، وأنه سيظل قائمًا حتى يأتي وعد الله في آخر الزمان حين يتم تدمير السد، فيتحرر يأجوج ومأجوج. قال الله تعالى:
{آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}
(الكهف: 96-98)
الدروس المستفادة من قصة ذو القرنين
- العدل والرحمة: ذو القرنين قدم مثالًا للملك العادل الذي يوازن بين العقوبة والرحمة.
- التوكل على الله: رغم قدراته وقوته، كان ذو القرنين يعترف بأن كل ما يملكه هو من عند الله.
- التعاون والعمل الجماعي: بناء السد كان مثالًا على أهمية العمل الجماعي والتعاون لتحقيق الأهداف الكبيرة.
اقرا ايضا: قصة النبي موسى مع فرعون