ما هي السورة التي تعادل ثلث القرآن؟
في القرآن الكريم سور عديدة تختلف في عدد آياتها وموضوعاتها وأهميتها، ولكن هناك سورة واحدة متميزة بشكل خاص، وهي “سورة الإخلاص”، التي اعتبرها النبي محمد صلى الله عليه وسلم تعادل ثلث القرآن في الفضل والأجر. هذه السورة قصيرة جدًا، ولكنها تحمل معاني عظيمة تجسد جوهر التوحيد والإيمان بوحدانية الله.
سورة الإخلاص: التعريف والمعاني
سورة الإخلاص، وهي السورة رقم 112 في المصحف الشريف، تعد من أقصر سور القرآن إذ تتألف من أربع آيات فقط. ورغم قصرها، فإن مضمونها العميق والمتكامل يجعلها ذات مكانة خاصة في الإسلام. تبدأ السورة بقوله تعالى:
“قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ”
“اللَّهُ الصَّمَدُ”
“لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ”
“وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ”
تحمل هذه الآيات معاني كبيرة تتعلق بالتوحيد الخالص، وهو الاعتقاد بوحدانية الله تعالى وتنزيهه عن الشركاء والولد.
معاني الآيات
- “قل هو الله أحد”: في هذه الآية يأمر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يعلن للناس أن الله واحد، وهو الإله المستحق للعبادة ولا شريك له. هذه الآية ترسخ مبدأ التوحيد الذي يعد أساس الإسلام.
- “الله الصمد”: تشير هذه الآية إلى أن الله هو “الصمد”، أي أنه الكائن الذي يعتمد عليه الجميع في حاجاتهم ولا يعتمد هو على أحد. فالله هو الكمال المطلق وهو الذي يُلجأ إليه في كل شيء.
- “لم يلد ولم يولد”: تؤكد هذه الآية أن الله لم يلد أحداً ولم يولد. تنفي هذه العبارة أي فكرة تتعلق بمفاهيم الشرك أو الآلهة المزيفة التي تدعي أن لله ذرية أو أصولًا. الله هو خالق كل شيء وليس له نظير في الخلق.
- “ولم يكن له كفواً أحد”: تنفي هذه الآية وجود أي شبيه أو نظير لله في قدرته أو صفاته. فالله سبحانه وتعالى لا يوجد من يعادله أو يضاهيه.
لماذا تعادل سورة الإخلاص ثلث القرآن؟
ورد في حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم قوله: “أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن”. (رواه البخاري).
هذا الحديث الشريف يبرز فضل هذه السورة وعظمتها. لكن لماذا اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم أن سورة الإخلاص تعادل ثلث القرآن؟ الجواب يكمن في مضمون السورة الذي يعبر عن أحد المحاور الرئيسية للقرآن الكريم، وهو محور التوحيد. القرآن يحتوي على ثلاثة محاور رئيسية:
- التوحيد: ويعني الإيمان بوحدانية الله وتنزيهه عن الشركاء.
- الأحكام والعبادات: وهي مجموعة الأوامر والنواهي التي وضعها الله لتنظيم حياة البشر.
- القصص والعبر: وتتناول قصص الأمم السابقة والأنبياء والدروس التي يمكن استنتاجها منها.
سورة الإخلاص تتمحور بالكامل حول التوحيد، وهو أحد أهم وأعظم محاور القرآن. لذلك، فإنها بما تحتويه من معاني التوحيد الخالص تعادل ثلث القرآن في الفضل.
فضل قراءة سورة الإخلاص
فضل سورة الإخلاص عظيم جدًا، وليس مقتصرًا على كونها تعادل ثلث القرآن. ففي السنة النبوية وردت العديد من الأحاديث التي تبرز فضل هذه السورة المباركة:
- الحماية من الشرور: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء”. (رواه الترمذي). فقراءتها تعد حماية للمسلم من الشرور والمكائد.
- الاستمرار على قراءتها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على قراءة سورة الإخلاص في العديد من المناسبات، خاصة في صلاتي الفجر والمغرب، وفي صلاة الوتر.
- دخول الجنة: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه عن رجل كان يقرأ سورة الإخلاص في كل صلاة، فسأله النبي عن سبب ذلك، فقال الرجل: “لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها”. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أخبروه أن الله يحبه”. (رواه البخاري).
تطبيق التوحيد في حياتنا
سورة الإخلاص ليست مجرد كلمات نقرأها في الصلاة، بل هي منهج حياة يعكس إيمان المسلم بوحدانية الله. يجب على المسلم أن يسعى لتطبيق معاني هذه السورة في حياته اليومية، وذلك من خلال:
- الإخلاص في العبادة: أن يكون كل عمل نقوم به خالصًا لوجه الله تعالى، دون رياء أو نفاق.
- الاعتماد الكامل على الله: إدراك أن الله هو الصمد، أي أنه الملجأ في كل الأمور، وأنه لا يوجد من يمكنه أن يلبي حاجاتنا سوى الله.
- التنزيه عن الشرك: الابتعاد عن كل ما يمس مبدأ التوحيد، سواء من خلال الاعتقادات أو الأفعال التي قد تتضمن شركًا أو عبادة غير الله.
في الختام
سورة الإخلاص تحمل معاني عظيمة تختزل جوهر الدين الإسلامي، وهو الإيمان بوحدانية الله. ورغم قصرها، إلا أن فضلها عظيم وأجرها كبير.
تعد السورة بمثابة تذكير يومي للمسلم بوجوب الإخلاص في العبادة والاعتماد على الله وحده. فبقراءة هذه السورة وتدبر معانيها، يمكننا تعزيز إيماننا وتوحيدنا لله في كل جوانب حياتنا.
اقرا ايضا: ما هي صدقة التطوع؟