اسباب نزول سورة الفرقان
سورة الفرقان من السور المكية التي تحمل في آياتها العديد من الرسائل المهمة للإنسانية، وهي إحدى السور التي تتناول قضايا عظيمة تبيّن من خلالها دلائل التوحيد وعظمة الله تعالى، كما تنقل للناس عقوبات الأمم السابقة وما حلّ بهم من عذابٍ نتيجة كفرهم. ومعاني السورة وأسباب نزولها تأتي كإرشاد للبشرية وتأكيد على أهمية الإيمان بالله وتعاليمه.
أسباب نزول سورة الفرقان
لكل سورة أسبابها الخاصة في النزول والتي جاءت لتستجيب لأحداث معينة أو أسئلة وردت للنبي محمد ﷺ، وسورة الفرقان ليست استثناءً.
فقد نزلت آياتها لمعالجة عدة قضايا أثارها كفار قريش الذين شككوا في نبوة النبي محمد ﷺ، مما أدى إلى نزول بعض الآيات التي ترد على تساؤلاتهم وانتقاداتهم. ويمكن تلخيص أسباب نزول هذه السورة في النقاط التالية:
1. الرد على استهزاء كفار قريش بالنبي ﷺ
كان كفار قريش يسخرون من النبي محمد ﷺ وينكرون نبوته، ويزعمون أنه ليس رسولاً من الله. وكانوا يقولون: “ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟” (الآية 7).
فكانت هذه الآية بمثابة ردٍ على سخريتهم واعتراضهم على كون النبي ﷺ بشراً مثلهم، لأنهم كانوا يرون أن الرسول يجب أن يكون ملاكًا أو كائنًا خارقًا.
فجاءت الآيات لتوضيح أن كون النبي بشراً يُعزز الرسالة ولا يضعفها، لأنه يمكنه أن يكون قدوة صالحة ومثالاً يُحتذى به للبشر.
2. الرد على طلبات قريش بآيات معجزة
طلب كفار قريش من النبي ﷺ أن يأتي بآيات معجزة تثبت صحة رسالته، مثل أن يُحوِّل الصحراء إلى جنات وعيون أو أن يُنزل عليهم السماء كسفاً (قطعاً) كما ورد في الآية (21-22).
فكانت الآيات ردًّا على طلبهم وتوضيحاً بأن الإيمان لا يجب أن يعتمد فقط على المعجزات المادية، وإنما يجب أن ينبع من يقين القلب والعقل.
3. تأكيد على أن القرآن هو الحق من عند الله
اتهم كفار قريش النبي ﷺ بأن القرآن “أساطير الأولين” وأنه مفترى من عنده، حيث قالوا في الآية (5): “وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا”.
فأنزل الله تعالى هذه الآيات ليبيّن لهم أن القرآن هو كلام الله الحق، وأنه وحيٌ نزل به جبريل عليه السلام، وليس من اختراع البشر أو أساطير السابقين.
محاور السورة الرئيسية
تُركّز سورة الفرقان على قضايا جوهرية تهدف إلى تثبيت العقيدة الصحيحة لدى المسلمين وتوجيههم نحو الحياة الصالحة. ومن أبرز محاور السورة:
- التوحيد والإيمان بوحدانية الله: تؤكد الآيات في سورة الفرقان على عظمة الله وضرورة توحيده، إذ تتحدث عن قدرة الله في خلق السماوات والأرض وتدبير الأمور. وتدعو الناس إلى التفكر في آيات الله في الكون.
- التأكيد على صدق الرسالة النبوية: يتناول جزء من السورة الرد على الشكوك التي أطلقها كفار قريش حول النبي محمد ﷺ. وتوضح السورة أن الله اختار النبي ليكون هادياً للبشرية، وأن القرآن ليس من تأليف البشر.
- ذكر العواقب الوخيمة للمكذبين: ذكرت السورة عواقب الذين كذبوا برسل الله تعالى، وسردت بعض قصص الأمم السابقة مثل قوم نوح وعاد وثمود، موضحةً مصيرهم بسبب تكذيبهم لرسالة الله.
- وصف عظمة القرآن: وصفت الآيات القرآن بأنه “فرقان” يفرّق بين الحق والباطل، ووضّحت أهميته كهدى ونور للناس.
- الصفات الحميدة لعباد الله الصالحين: في ختام السورة، تذكر الآيات صفات “عباد الرحمن”، مثل التواضع والابتعاد عن الباطل وتجنّب المعاصي، مما يجعلهم قدوةً حسنة للمؤمنين.
في الختام
سورة الفرقان جاءت لترد على استهزاء المشركين وتساؤلاتهم حول النبوة، ولتثبت صدق الرسالة التي جاء بها النبي محمد ﷺ.
كذلك، تسعى السورة إلى ترسيخ معاني التوحيد وتوجيه الناس نحو عبادة الله الواحد واتباع تعاليمه.
وتُعتبر سورة الفرقان من السور المهمة التي تجمع بين الرد على الشبهات وتقديم إرشادات تربوية للمؤمنين، وتعدّ بمثابة نورٍ يُضيء طريقهم ويحفّزهم على التمسك بالقيم الأخلاقية والروحانية العالية.